هل أصبحت إيران خطراً حقيقياً على إسرائيل سواء بسياستها ومواقفها العامة المعلنة أم بذراعها العسكرية : حزب الله في لبنان .. أم بأذرعها المماثلة في العراق .. وهل الهدف من نشاطها النووي وقنبلتها المازالت مشروعاً تدمير إسرائيل فعلاً أم تجديد دورها ووظائفها في المنطقة..؟ سؤال طرحته على صديقي الأميركي القريب من مصادر القرار وكان يوماً من صانعيه وفي ظني أن جوابه سيكون تأكيداً لهذا الطرح ، غير أنني فوجئت منه بجواب مختلف . قال: حدّة الخطاب والموقف الإيراني الذي يعبر عنه أحمدي نجاد مجرد خدعة إيرانية موقتة لكسب الرأي العام العربي والإسلامي . تعرف إسرائيل ذلك كما نعرفه . فهدف إيران ليس مواجهة إسرائيل ولا زوالها . هدفها استعادة دورها الإقليمي في المنطقة وهي تستخدم مشروعها النووي لاسترجاع هذا الدور بعد أن استبعدتها واشنطن من حساباتها في أعقاب ثورة إسلامية لم تكن بعيدة عن استراتيجية أميركا في مواجهة الشيوعية قبل أن تجدها خطراً آخر يحسن تطويقه . وهي ، أي إيران ، تقوم اليوم بتحريض وتثوير الشيعة في المنطقة لاستخدامهم أداة في استعادة ذلك الدور الذي تحلم به ، وكثير من صانعي القرار هنا يعتقدون أنه حق لها بشرط إعادة تصويب سياساتها وسحب خطابها الديني من التداول وتنظيماتها الأصولية من العمل ، وبخاصة في لبنان. أضاف صديقي الأميركي إن أخطر ما سيلده المُضمر والمُعلن في الخطاب والسياسة الإيرانية هو أن العرب سيكتشفون بمجرد أن تنجز إيران مشروعها أن الخليج وليس إسرائيل سيكون هدفها القادم . إسرائيل مجرد جسر عبور إيراني إلى الضمير العربي والإسلامي ، ثم ما تلبث طهران أن تطرح هدفها الجديد المضمر الذي هو تحرير الخليج ، العربي كما تسمونه أو الفارسي كما تؤكد إيران هويته .. تحريره مما تسميه الحضور الأميركي الإستعماري ، إضافة لما يعتبره ولي الفقيه أنظمة مرتدة إسلامياً في الخليج . أي إن الجلاء الأميركي عن المنطقة وتغيير الأنظمة شرطان مسبقان لتحرير فلسطين . بتحديد أوضح : هدف إيران سيكون التمدد خليجياً في مناطق نفطية شيعية التركيب السكاني . وبالسيطرة على الخليج ، ونفطه ، تحقق إيران حلمها الفارسي القومي بلعب دور أكبر من حجمها لتكون بديلاً من العثمانية التاريخية التي أقامت إمبراطوريتها ، الدينية أيضاً ، على امتداد الشرق الأوسط وبعض أطرافه.